نادية الحطامي…مستودع الجثث
سكون مخيف يكسو الأعماق وظلمة فضيعة تسكن ذلك الطابق من الروح .. طابقٌ سكنته خفافيش الظلام وأشباح الليل .. تُسمع منه صوت الأهات والدموع وأصوات شبيهة بأصوات تحطم الزجاج ..
طابقٌ كست ملامحه الأوجاع والأحزان ..
تُرى من يسكن في هذا الطابق المرعب؟!! وماسر هذه الأصوات؟!!
سؤالان طرحمها العقل فأجاب القلب بانكسار .. إنه مستودع للجثث ياصديقي ..
*مستودعٌ للجثث* ؟!!!
عندما نضيع في دهاليز الحياة ونرتجي أن تمد لنا حبال النجاة ممن أحببنا فلا نرى سوى إعراضهم ..
يتحول شعور الثقة لجثة هامدة .
وعندما نصاب بالإحباط بسبب أمرٍ ما ونبحث بين مجموعة من الأسماء ممن احتسبناهم أصدقاء علنا نجد قلبا يحتوينا ولانجد
فنعود خائبين منكسرين
يصبح الوفاء جثة هامدة
.. حين نسقط في وحل الهموم وننسى عنوان الراحة فنبحث عن قلوبٍ كانت ربيعاً مزهرا فتبدلت وأصبحت كفصل الخريف قاحلة
نفقد شعور الأمان ويصبح جثة هامدة ..
حين نحلم حلماً ونرتجيه ونتمسك به ونقيم مراسيماً كثيرة ليكون.. ثم لايتحقق تتشوه الصورة ونفقد بعضاً من همتنا وإرادتنا .. وينتهي شعور الرغبة فيصبح جثة هامدة.
حينها سنصاب بخدوش واضحة وانكسارات كبيرة
نتألم .. نحزن .. نبكي .. نصرخ .. نختنق ..
ياااالله مشاعرنا تُقتل يوماً بعد يوم ونفقدها وتمتلئ أرواحنا بجثثٍ كثيرة .. يثقل الحمل علينا وكأنا نحمل جبالاً على عواتقنا ..
نقاوم ونحاول مداواة الجروح ممسكين بقلوبنا التي تنزف بأيدينا ونراها بعيونٍ حائرة تفارق الحياة وتجر أنفاسها الأخيرة.
ويُؤرّقنا سؤالٌ حينها : هل يُمكن ترميم ماتحطم وتكسر؟ هل نستطيع أن نلملم شتات أرواحنا ونتخلص من كل هذه الجثث ونفرغ ذلك المستودع اللعين ؟!!
هل ستعود التفاصيل كما كانت ؟!!
هل ستنتهي دراما الألم يوماً ما ؟
أرواحنا أصبحت كبناية سقطت وجثت على سكانها .. هل لنا بإعمارها من جديد ؟
هذا هو المهم ..
* نعم فكل بناءٍ قابل للتشييد مرة أخرى طالما الأرض ملكٌ لأصحابها .
نحتاج جهداً ووقتاً لإعادة الإعمار ؟!! لابأس…
طابقا طابق سنبني وسنُخرج تلك الجثث التي ماتت من الهدم والإنهيار ..
وسنحتفظ بكل جميل،
نحن قابلون للبناء من جديد بقوة الله ونستطيع أن نكون أفضل مما كنا بعد كل نكسة نمر بها، فقط متى ما أردنا أن نبدأ بذلك ومتى ما أدركنا أن الحياة لا تتوقف على عتبات أحد ولن تحزن لحزن أحد. الحياة ستخذلنا ولكن لن نستسلم .
من بقي معنا في لحظات الإنهيار سيكون مسانداً لنا مساهماً في البناء
ومن تخلى وانسحب سيدفن كتلك الجثث التي ماتت من قوة الهدم ..
سنلملم جراحنا ونضمدها وسنعيد بناء ذواتنا
#فلايأس مع الحياة #