ميلاد النبوة.. مصرع السلالية

كتابات: فؤاد الحميري
ابتلى الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بموت أبنائه وحَمَلَة اسمه . حتى لا تُبتلى الأمة كلها بما قد يصاحب وجودهم من الوقوع في ( توريث سلالي ) يتجاوز المطالبة بخلافته صلى الله عليه وسلم في بيته إلى المطالبة بخلافته في (أمته ) . في ظل ثقافة عربية تجعل ( الولد سر أبيه ) وتقرر أن ( ذاك الشبل من ذاك الأسد ) .
وحين عيّره قومه بموت أولاده وزعموا أنه ( أبتر ) . لم يكذبهم القرآن بل بَيّن لهم أن الأبتر الحقيقي ليس من مات ذُكوره بل من مات ذِكره . وعوّضه عن ( تكاثر ) الدنيا المذموم ( بكوثر ) الآخرة المحمود ” إنّا أعطيناك الكوثر . فصل لربك وانحر . إنّ شانئك هو الأبتر ” . [ الكوثر ] . وهو ما يفند أكذوبة ( نحن أبناء رسول الله وأحباؤه )
وقطعاً لذريعة ( التوريث السلالي ) منح النبي صلى الله عليه وسلم ميراثه العلمي للأمة جمعاء كلٌ بحسب تحصيله فقال : ” العلماء ورثة الانبياء . وإن الانبياء لم يورثوا ديناراً ولا درها إنما ورثوا العلم . فمن أخذه أخذه بحظ وافر ” . وهو ما يقضي تماماً على خرافة ( مذهب العترة ) فالعترة نسب لا مذهب .
وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد اختص عترته بشيء فهو منعهم وحرمانهم من حقهم في ميراثه المالي . وجعله هو الآخر – أي الميراث المالي – للأمة كلها . بقوله ” إنّا معشر الانبياء لا نورّث . ما تركناه صدقة ” . أي أن ميراثنا للأمة .
وسمّاها ( صدقة ) ليقطع الطريق تماما على أي إلتفاف قد يقوم به أقاربه لطلب ميراثه بدعوى أنهم من الأمة ولهم الأولية . مع ما تقرر عند المسلمين قاصيهم ودانيهم من أن أهل بيت النبي لا تحل لهم الصدقة . تأكيداً لقاعدة الرسالة الخالدة :” وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين ” [ 109 الشعراء ] .
وهو الدرس الذي فهمه عمر رضي الله عنه ونقله من فقه النبوة إلى فقه الإمامة بحرمانه ولده عبد الله من حق الترشح لانتخابات الخلافة قائلا له :” إن كانت – أي الخلافة – خيرا فقد أصبنا منها وإن كانت شرا فيكفي أن يحاسب عليها رجل واحد من آل عمر ” .
فصلى الله وسلم على نبي الأمة وأبي الإنسانية

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة