البصيرة البردونية

img

الجوزاء نيوز / أ.د. فؤاد البنا

ابتلى الله عبدَه البردوني بفقد بصره في صغره، لكنه منحه بصيرة لا تنفد في كبره، حيث كان يرى بعيني الفكر والشعر ما لا يراه أصحاب الأعين الناظرة، وبسبب بصيرته النافذة فقد ظل شديد الاستبصار أثناء مخره لعُباب الحياة!

ظل عقله متوقداً متجدداً يرفض القولبة ويستعصي على التحييد، لم تدفعه ظروفه لرفع راية الاستسلام للتقاليد سواء كانت موروثة أو مستوردة. ولقد سافر بخياله الجامح في آفاق الزمان والمكان فاستدعى الماضي للاعتبار، واسترعى الانتباه في قدرته الرهيبة على الغوص في أعماق الحاضر لتحليل أحداثه ومجابهة تحدياته، وتميز بقدرة خارقة على استشراف المستقبل والتنبؤ بالمآلات.

لم يستطع أي طرف أن يمتلك عقله أو يأسر قلبه، ولم ينجح أحد في ترويض شعره واستئناس فكره؛ حيث اعتلى معراج الكرامة وحلق بجناحي الحرية والإرادة، وظل صاحب عزيمة لا تتزعزع وصاحب تصميم لا يتراجع، فعاش كريماً ومات كبيرا!

ولقد كان صاحب طبيعة متميزة في شخصيته، مما منح شعره وفكره حياة في قلوب الأحرار وزادهما حيوية في معتركات النضال، وبسبب ذلك ما زال إنتاجه الإبداعي يجد طريقه إلى صفوف المناضلين ويسكن أكباد الأحرار.

مواضيع متعلقة

التعليقات مغلقة