مودة عبيد
في كل صباح أفتح نافذتي بحثًا عن وطن يشبه أحلامي، فلا أجد سوى غبار الحرب وآثار الخيبة، بلادي التي كانت أرضًا للكرامة، صارت اليوم مسرحًا للألم، الناس هاجروا، والأمل يهاجر معهم، حتى الهواء لم يعد نقيًا كما كان، كنتُ أظن أن الوطن حضنٌ دافئ، فإذا به يتحول إلى صدرٍ قاسٍ يضيق بنا جميعًا.
في هذه البلاد، ينام المرء وهو لا يدري ماذا سيأكل غدًا، قد يقتات على رغيفٍ يابس ويشعر وكأنه في عيدٍ إن وجد فنجان قهوة يرافقه، وقد لا يجد حتى ذلك الرغيف، حربٌ جعلت العزيز ذليلًا، والحر جائعًا، والضعيف منسيًا، حتى صارت الحياة مجرد صراع يومي للبقاء، لا أكثر.
الأحلام هنا تُدفن قبل أن تولد، والأطفال يكبرون قبل أوانهم بوجوهٍ تحمل ملامح الشيب، شوارعنا التي كانت تضج بالحياة تحولت إلى مقابر صامتة، وبيوتنا التي كانت عامرة بالضحكات صارت فارغة إلا من الحزن، كل زاوية في هذا الوطن تروي وجعًا لا ينتهي، وكل وجهٍ يخبرك بصمتٍ أن الفرح صار غريبًا عنا.
نحن اليوم نعيش في وطنٍ لم يعد صالحًا للعيش، لكنه يظل وطننا الوحيد، قد نخاف من المستقبل، لكننا نؤمن أن هذه الأرض تستحق أن نحلم من أجلها، فالوطن مهما قسا علينا يظل قطعة من أرواحنا لا يمكن استبدالها.